رامي عياش … يلهب ليل الشوف



نشرت في: حبر لبناني

شهِدت بلدة كفرقطرة الشوفيّة ليل السبت 11 حزيران الجاري، وضمن فعاليات مهرجان كفرقطرة السنوي، حفلة فنية للبوب ستار “رامي عياش” ، قدم الحفل الفنان الكوميدي “جورج حريق” الذي قدم مجموعة من مقتطفات الكوميديا الساخرة النقدية، ترك بعدها المسرح للفنانة “فانيسا” عازفة الكمان الحساسة حيث عزفت باقة من المقطوعات الموسيقية الرائعة تفاعل معها الجمهور بحماسة كبيرة. ثم قدّمت الفنانة الصاعدة “سوزان” أغاني ألبومها الجديد وبعض أغاني الكبار مثل “صباح” و”فيروز” وآخرين…

وما أن إعتلى البوب ستار “رامي عيّاش” المسرح حتى تحوّل الجمهور الى بحرٍ بشريّ راقص يتفاعل مع كلّ أغاني “رامي” ويغني معه أغانيه وأغاني العملاقة الذين غنى لهم. فبدأ الحفل بأغنية “يا بنت السلطان” للسوبر ستار “راغب علامة” ثم أدّى البعض من أغاني ألبومه الأخير “غرامي” وأهدى أغنيته “مبروك” إحتفالاً بعيد ميلاد “ألين نصّار” رئيسة بلدية كفرقطرة ومنظمة المهرجان والتي صادف عيد ميلادها في نفس اليوم. لم يتوقف الحضور عن الغناء والتفاعل مع البوب ستار طيلة الفترة التي كان يغني فيها وكان يردد معه كافة اغانيه ويطلب منه بعض الأغاني.

“رامي عياش” حوّل ليل الشوف الهادئ الى ليلٍ ساهرٍ صاخبٍ ، وكعادته دائماً، متألقاً كان في حضوره وصوته وأدائه المميز الذي يختصر زمن الكبار وزمن الشباب.

وين زمورن .. وينن ؟؟


علاء شهيب

ينقر زموره المزعج عندما يراك (حتى ولو كنت تسير بالإتجاه المعاكس له)، يستعمل الأضواء (واطي-عالي)، يلوّح بيديه، ويصيح بأعلى صوته: “لوين يا ريّس؟ وين واصل يا معلم؟”. هذا هو المشهد الذي يتكرر معك عندما تسير في بيروت أو صيدا أو مختلف المدن اللبنانيّة، حيث تصادف العشرات (أو بالأحرى المئات) من سيارات الأجرة، وتملّ من الجواب نفسه: شكراً.

تختلف هذه المشهديّة كليّاً بمجرّد أن تعبر جسر الدامور المؤدي الى الشوف، فهناك، وبإنتظار سائق أجرة -قد يأتي يوماً- تتمنى لو أنك ما زلت تسمع ذاك الزمور المزعج وتلك الأسئلة والأصوات المرتفعة، على أن تبقى منتظراً، ربما أكثر من ساعة، كي تجد من يقلّك.

يختلف وقت الإنتظار بإختلاف المنطقة، فإذا كنت من سكان المدن والقرى الممتدة على طول الخط العام فليس هناك من مشكلة حقيقيّة، وبالرغم من غياب وسائل النقل العام، تحلّ الباصات والفانات الخاصة مكانها، بفارقٍ لا يتجاوز العشرين دقيقة بين الباصين. تصل الى مفرق سرجبال – الجاهليّة (محطة الإنتظار الأولى) وهنا يطول انتظارك جداً، حيث تتناوب سيارتان فقط على نقل الركاب طوال النهار، والملفت أنّها سيارات تعمل بأرقام لوحاتٍ خاصة غير عموميّة.

وتروي مياسة أبو دياب، 21 سنة، معاناتها على هذه الطريق بالقول: “من الصعب جداً أن تصل الى الجاهليّة أو باقي المناطق بسرعة، حيث لا يوجد سوى سيارتين تعملان بدوامٍ حرّ غير محدد، ويستحيل وجودهما بعد الخامسة والنصف. هذا بغض النظر عن حالة السيارات المريعة، حيث تمطر داخل السيارة أكثر من الخارج مثلاً” لكنها تردف قائلة :”ولكن رغم كل المشاكل، يبقيان صلة الوصل بيننا وبين المناطق الأخرى”.

ننتقل صعوداً، الى كفرحيم – مفرق المناصف، الوضع هنا مقبول، فهناك باص يعمل بدوام محدد سلفاً وسيارتي أجرة، ولكن حذارِ أن تصل بعد الخامسة والنصف، فعليك أن تنتظر “فاعل خير” ليأخذك بسيارته الخاصة. على بعد أمتارٍ قليلة فقط، تتجلى إحدى أكبر المشاكل: مفرق دير القمر (محطة الإنتظار الثانية)، ربما يطول انتظارك لأكثر من ساعة، في ظلّ وجود باصٍ يمر بإتجاه بتلون ولكن ليس لأكثر من مرتين في اليوم ،وصعوبة العثور على سيارة أجرة، فلا يبقى لك إلاّ أن تنتظر صاحب أخلاقٍ عالية ليقلك الى وجهتك.

تصل الى بقعاتا، هنا تنهي معظم الفانات والباصات رحلتها، وإذا كنت متوجهاً الى المزرعة، المختارة، بطمة وغيرها، عليك أن تتدبر أمرك، أن تتصل بأهلك أو أقاربك ليأخذوك، أو تتحمل الإنتظار الذي يطول ويطول. وتشرح ريم الدبيسي، 20 سنة، من المختارة سكان بطمة، قائلة: “لم أكن يوماً أتنقل بالسرفيس أو الباص، حتى السنة الماضية، حينها اكتشفت المشكلة الكبيرة بوسائل النقل البري، فلكي أصل الى بيتي يجب على أهلي أن يقلّوني من المختارة، وحين دخلت الى الجامعة أصبحت أفضل أن أنتظر ساعة اضافيّة في الجامعة على أن أذهب وأنتظر في بقعاتا، فلا جدوى من الإنتظار.”

تكمن المشكة فعلياً في غياب التنسيق بين قطاعات النقل البري في الشوف، رغم أنه إحصائياً هناك الكثير من سائقي الأجرة المسجلين رسمياً بعدد يفوق بأضعاف العدد الحقيقي الذي يمارس المهنة، حسب ما أدلى به كميل سري الدين، المسؤول عن سائقي الشوف في نقابة سائقي السيارات العموميّة. أمّا السبب الأول والأهم فهو للإستفادة من تقديمات الضمان الإجتماعي التي يحصلون عليها. ولا ينكر كميل سري الدين هذا الموضوع، حيث يقول: “إن الذي يستفيد من تقديمات النمرة ولا يمارس عمله يلاحقه الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي – وفيها خربان بيوت -..” ثم يردف قائلاً: “سياسة التجويع التي تعتمدها الدولة عيب. نريد حقنا بتنكة بنزين يومياً وإلغاء الرسوم الجمركية عن السيارات الجديدة لتحسين هذا القطاع.” وعن أسباب قلّة عدد السائقين المتواجدين يقول سري الدين: “كيف لنا أن نعمل وإذا نزلنا من هنا الى بيروت لا نجد راكباً بسبب الباصات التي لا تترك لنا راكباً، وكذلك لا تؤمن البلديات مواقف لنا، ففي بعقلين نقف في السوق وكذلك في بقعاتا”.

يخالفه هذا الرأي بهيج الفطايري، رئيس بلدية الجديدة -بقعاتا، الذي يقول: “نحن نؤمن مواقف للسائقين، ولكنهم لا يستعملونه لأن شعبنا همجيّ وفوضوي بطبعه.. ويضيف: “معظم الناس يشترون النمرة ليستفيدوا من التقديمات لا ليعملوا كسائقين”.

هذه هي الحال، سائقون يتذمرون ويشتكون، رؤساء ومعنيون لا يكترثون، ومواطنون ينتظرون. ويرددون مع “فيروز” بتصرف “وينن.. وين زمورن، وينن؟”